ألان واتس: الفيلسوف الذي قدم الفلسفة الشرقية للغرب
إذا كنت تبحث عن شخصية أثرت بشكل كبير في نشر الفلسفة والدين الشرقيين بين جماهير الغرب خلال منتصف القرن العشرين، فإن ألان واتس هو الاسم الذي لا يمكن تجاهله. ولد ألان واتس في 6 يناير 1915 في تشيسيلهرست، كنت، إنجلترا (التي أصبحت الآن جزءًا من جنوب شرق لندن)، وتوفي في 16 نوفمبر 1973 في مقاطعة مارين بكاليفورنيا، الولايات المتحدة. كان كاتبًا وفيلسوفًا ومُحاضرًا بريطاني المولد وأمريكي الجنسية، ويُعتبر أحد أهم الشخصيات التي ساعدت في تقديم الأفكار الشرقية مثل البوذية والطاوية والهندوسية إلى الجمهور الغربي بطريقة ممتعة وسهلة الفهم.
في هذا المقال، سنستعرض حياة ألان واتس وإنجازاته الفكرية وكيف أسهم في إحداث تغيير ثقافي عميق في الغرب.
من هو ألان واتس؟
يُعد ألان واتس واحدًا من أبرز المفكرين الذين قدموا الفلسفات الشرقية للعالم الغربي. اشتهر بأسلوبه الكتابي الرائع الذي يجمع بين العمق والبساطة، مما جعل أفكاره متاحة للقراء من جميع المستويات التعليمية. وقد وصفته صحيفة لوس أنجلوس تايمز بأنه “أبرز مفسر للتقاليد الشرقية للغرب المعاصر”، مشيرة إلى أنه يتمتع بـ”موهبة نادرة في كتابة ما لا يمكن كتابته بأسلوب جميل”.
الطفولة والتعليم
كان ألان واتس الطفل الوحيد لكل من لورنس ويلسون واتس، الذي كان موظفًا في شركة ميشلان للإطارات، وإميلي ماري واتس، وهي معلمة في مدرسة داخلية بناتها من المبشرين المسيحيين. منذ الصغر، أظهر واتس اهتمامًا كبيرًا بالثقافة الشرقية، حيث كان معجبًا بالسجاد والطباعة الشرقية التي أحضرها المبشرون من الصين واليابان.
درس واتس في مدرسة كينغز العامة، وهي مدرسة داخلية مرموقة في كانتيربري، إنجلترا. وعلى الرغم من تميزه أكاديميًا، لم يحصل على منحة دراسية في كلية ترينيتي، أكسفورد، بسبب كتابته امتحان المقالات بأسلوب فريد مستوحى من فريدريك نيتشه، والذي لم يلقَ استحسان المقيّمين. نتيجة لذلك، بدأ العمل بوظائف مختلفة أثناء الانغماس في دراساته الذاتية والمشاركة في “نادي البوذية” في لندن، الذي انضم إليه عام 1930 عندما كان يبلغ من العمر 15 عامًا فقط. في عام 1931، أصبح محررًا لمجلة النادي، الطريق الأوسط . وفي عام 1932، نشر أول أعماله المكتوبة، وهو كتيب بعنوان ملخص البوذية الزينية .
الانتقال إلى الولايات المتحدة
في عام 1938، هاجر واتس إلى الولايات المتحدة ليبدأ تدريبًا رسميًا في البوذية الزينية في مدينة نيويورك. ومع ذلك، ترك البرنامج دون أن يصبح راهبًا زينيًا بسبب عدم اتفاقه مع طريقة تعليم المعلم. بعد ذلك، التحق بمعهد سيبري-ويسترن اللاهوتي في إيفانستون، بالقرب من شيكاغو، حيث حصل على درجة الماجستير في اللاهوت عام 1945. نُشرت أطروحته، التي دمج فيها اللاهوت المسيحي والمسيحية الصوفية مع الفلسفات الشرقية، تحت عنوان تأمل الروح: دراسة حول ضرورة الدين الصوفي عام 1947.
رُسم واتس كاهنًا في الكنيسة الأسقفية وعمل كقس في جامعة نورث وسترن حتى عام 1950، عندما ترك الكنيسة رسميًا.
مسيرته المهنية وإرثه
بعد مغادرته الكنيسة، انتقل واتس إلى سان فرانسيسكو للانضمام إلى الأكاديمية الأمريكية لدراسات آسيا، حيث عمل كمدرس وإداري حتى منتصف الخمسينيات. خلال هذه الفترة، درس الفن والثقافة اليابانية واللغة الصينية والخط الصيني. في عام 1953، بدأ تقديم برامج إذاعية أسبوعية عبر محطة إذاعية مدعومة من المجتمع في بيركلي، كاليفورنيا. أصبحت سلسلته الإذاعية الطويلة، الكتب العظيمة في آسيا وما وراء الغرب ، شائعة جدًا في منطقة خليج سان فرانسيسكو.
ساهمت كتاباته، بما في ذلك كتابه الأكثر مبيعًا دوليًا طريق الزِّن (1957)، بشكل كبير في “طفرة الزِّن” التي حدثت بين الدوائر الفكرية في سان فرانسيسكو ونيويورك وغيرها من المناطق الليبرالية. كان أسلوبه الكتابي غير الرسمي والجذاب، ولكنه عميق في نفس الوقت، يجعل من كتبه ومقالاته محبوبة من قبل القراء العاديين والمتخصصين على حد سواء.
تأثيره الثقافي
في أوائل الستينيات، بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا تشهدان نوعًا من الثورة الثقافية المضادة، وكان واتس شخصية مؤثرة بين الشباب المهتمين بالروحانية والممارسات الصوفية. يمكن إرجاع الشعبية المتزايدة للنباتية واليوغا والعلاج النفسي والتأمل الترانسندنتالي في تلك الفترة إلى دور واتس في تقديم الأفكار الشرقية إلى العالم الغربي.
الخلاصة
ألان واتس ليس مجرد فيلسوف؛ بل هو جسر ثقافي ساعد في تقريب الشرق والغرب. إذا كنت ترغب في استكشاف الفلسفات الشرقية أو التعرف على شخصية فكرية فريدة، فإن ألان واتس يستحق بالتأكيد أن يكون نقطة انطلاقك.
