كان إيان ستيفنسن (1918–2007) طبيبًا نفسيًّا كنديَّ الأصل، أمريكي الجنسية، واشتُهِر ببحثه المكثف حول التقمص – خصوصًا بين الأطفال الذين ادعوا تذكُّر حياتهم السابقة. وقد أسس وقاد “قسم الدراسات الإدراكية” في كلية الطب بجامعة فرجينيا، حيث أمضى 50 عامًا في العمل والبحث.
خلال مسيرته، وثَّق ستيفنسن أكثر من 3000 حالة لطفل بدا أنه يتذكر تفاصيل دقيقة عن حياة سابقة، بما في ذلك أسماء وأماكن وهويات أشخاص مُحدَّدين، وأحيانًا حتى آثار جسدية مثل الوحمات أو العيوب الخلقية التي يعتقد أنها مرتبطة بإصابات حدثت في الحياة السابقة.
أبرز جوانب عمل إيان ستيفنسن:
1. بحوث التقمص:
ركز ستيفنسن بشكل رئيسي على التحقيق في ادعاءات الأطفال بتذكر حياتهم السابقة. كانت حالات الأطفال الأكثر شيوعًا هي تلك التي تتضمن ذكريات واضحة ومحددة، ما دفعه إلى النظر في احتمالية وجود تفسير غير تقليدي لهذه الظواهر.
2. دراسة الحالات بالتفصيل:
كان ستيفنسن دقيقًا جدًّا في تسجيل البيانات، حيث قام بإجراء مقابلات مع الأطفال وعائلاتهم، كما استخدم سجلات طبية ووثائق رسمية (مثل تقارير التشريح) للتحقق من صحة المعلومات المقدمة، مما أعطى أبحاثه مصداقية لدى بعض الباحثين والقراء.
3. العلاقة بين الوحمات والإصابات السابقة:
من أهم ما تميز به بحث ستيفنسن هو دراسته لعلاقة الوحمات أو العيوب الخلقية عند الأطفال بالإصابات أو الجروح التي كان قد تعرض لها الشخص الذي يُعتقد أن الطفل قد تقمص منه. ووجد أن هناك توافقًا ملحوظًا في العديد من الحالات.
4. الحذر العلمي:
على الرغم من إيمانه بأن أبحاثه قدَّمت أدلة قوية على احتمالية التقمص، إلا أنه كان حذرًا ولم يجزم بأنها تُثبت علميًّا فكرة إعادة الميلاد. فقد كان دائمًا يدعو إلى ضرورة التعامل مع النتائج باعتبارها مؤشرات تحتاج إلى مزيد من البحث والتحليل.
5. تأسيس قسم الدراسات الإدراكية:
أسس ستيفنسن “قسم الدراسات الإدراكية” في جامعة فرجينيا، وهو قسم مستقل يُعنى بدراسة الظواهر الخارقة للعادة مثل التجارب القريبة من الموت، والتواصل مع العوالم الأخرى، ومزاعم التقمص. ولا يزال هذا القسم نشطًا حتى اليوم، ويواصل أبحاثه في هذه المجالات.
انتقادات وتقييمات حول أعمال ستيفنسن:
لم تخلُ أبحاث ستيفنسن من الانتقادات، حيث شكك البعض في صحة مناهجه البحثية وفي كيفية تفسيره للبيانات. ويعتبره منتقدوه متحيزًا لافتراض التقمص، لكن مؤيديه يرونه باحثًا رائدًا قدَّم دعمًا علميًّا غير مسبوق لمفهوم كان دائمًا يُنظر إليه باعتباره من الغيبية أو الفلسفية.
سواءً كنت تؤمن بأفكار ستيفنسن أو لا، فإن مساهماته في فهم الوعي البشري والتجارب الخارجة عن المألوف لا يمكن إنكارها. وربما يكون دوره الأكبر هو تشجيع العلم على الانفتاح على الأسئلة الصعبة والتخلي عن الرؤى المحدودة في تفسير الطبيعة البشرية.
